رسالة ... وطن... وجنود
جنودَنا المجاهدين المرابطين على حدود بلادنا رفع الله قدركم، وأعلى منازلكم، إنكم تحمون عقيدتنا، وتدافعون عن حدود بلادنا، فلكم دعاؤنا وشكرنا وتقديرنا، فلن نجد أشرف وأسمى من رجالٍ شجعان ضحوا بأنفسهم، وبذلوا أرواحهم لنعيش آمنين.
إنكم أبطالٌ صادقون صامدون... ترابطون بثبات، تنصرون الدين، وتذودون عن حمى الوطن، أُصيب
بعضكم، واستشهد آخرون، فإذا ما حانت الصلاة على أحدكم توافدت جموعٌ غفيرةٌ؛ لشهود الجنازة
حباً ووفاءً واعتزازاً وتقديراً وإجلالا.
حنَّـا بكـم نفخـر ونعتـزّ
ونـزود ونماري العالم على روس الأشهاد
أنتم ذخيرة موطن العز
والجود وأنتـم أُسـود البيـد وأحفـاد الأجـداد
هنيئا لكم المجد أيها الفرسان... فقد تقلدتم
أوسمةً رفيعةً، تحملونها على صدوركم يفخر بها آباؤكم وإخوانكم وأولادكم من بعدكم، فهذه
الشهادة التي أُكرمتم بها، أو الإصابة التي أُصبتم بها إنما هي أثر عبادة محبوبة
عند الله سبحانه، وهي الجهاد في سبيل الله، والتي هي ذُروة سنام الإسلام، وهي لا
تحصل لكل أحد، ولا تتحقق لكل إنسان، إنما تكون من فرسانٍ أبطالٍ أمثالِكم، ميدانهم
ساحات النزال، ومواطن القتال.
تستاهلون
المجد والفعل مشهود وتستاهلون المدح من كُل قصّاد
أيها
المجاهدون الأبطال...سيُخلد اسمكم، وسيبقى ذكرُكم وسيفتخر بكم أحفادكم من بعدكم كما كان أحفاد الصحابة
يفتخرون بمواقف آبائهم في الجهاد في سبيل الله، فقد أُصِيبَتْ عَيْنُ قَتَادَةَ بنِ
النّعْمَانِ حَتّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَأَتَوا بِهِ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ وَرَدّهَا إلَى مَوْضِعِهَا، فَكَانَتْ أَحَسَنَ
عَيْنَيْهِ، وَأَحَدَّهُمَا نَظَرًا، فلمَّا وَفَدَ عَلَى الخليفة عُمَرَ بْنِ
عَبْدِ الْعَزِيزِ حفيدُه عاصمُ بن عمر بن قتادة سَأَلَهُ عُمَرُ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ
أَنَا
ابْنُ الّذِي سَالَتْ عَلَى الْخَدّ عَيْنُهُ فَرُدّتْ
بِكَــفّ الْمُصْطَفَى أحسن الرد
فَعَـادَتْ
كَمَا كَانَـــتْ لِأَوّلِ أَمْرِهَـــا فَيَا
حُسْـنَ مَا عَيْـنٍ وَيَا حُسْـنَ مَا ردِّ
وكان الصحابي
الجليل حنظلةُ بنُ أبي عامر قد شارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، فلما
انتهت المعركة رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إني رأيت حنظلة بين السماء والأرض، تغسٍّله الملائكةُ بماءِ المُزنِ
في صِحافِ الذهب) فكان ابنه عبدالله إذا سئِل عن اسمه، قال مفتخراً:( أنا ابن غسيل
الملائكة ).
شكرا
لكم أيها الشجعان... يوم قضيتُم أوقاتاً
طويلةً بعيداً عن
أهلِكم وأحبابِكم
تذودون عن دينكم ومقدساتِكم، وتدافعُون عن أوطانكم وأعراضكم، رافضين أن يقترب من
وطنكم المحتلون، أو يدنسه الرافضةُ المشركون، ولسانُ حالِ أحدكم يردد
ولــي
وطَــنٌ آليــتُ ألا أَبـيعَــهُ وألاَّ
أرى غيـري لــهُ الدَّهـــرَ مالِكـا
عهِدتُ
بِهِ شَرْخَ الشَّبَابِ ونِعمةً كنِعْمَـةِ قـــومٍ أصبَحُـوا
فــي ظِلالكـا
شكرا
على مكارم أخلاقكم، شكرا لإقدامكم وشجاعتكم، شكرا لوفائكم لإخوانكم في
ساحات الوغى، شكرا لإيثاركم بإنقاذ زملائكم من خطر أعدائكم، ولو على حسابِ حياتِكم،
لقد أبيتَم أن ينجوَ أحدُكم ويحيا لوحدِه، بل خاطرتم وغامرتم وأنتم ترددون:
فإما
حياة لنا جميعا تسر الصديق ... وإمَّا مماتٌ يغِيض العدا.
أبشروا أيها المجاهدون الأبطال... بمنزلةٍ عاليةٍ عند ربكم في جنات النعيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنَّ في الجنة مائةَ درجهٍ أعدَّها الله
للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ).
أبشروا... فإنَّ كلَّ تُرابٍ اغبرَّت به أقدامُكم سيكون حائلاً من عذاب النار، مصداقاً لحديث المختار صلى الله عليه وسلم ( ما اغبرتا قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسَّه النار).
أبشروا... فإنَّ كلَّ تُرابٍ اغبرَّت به أقدامُكم سيكون حائلاً من عذاب النار، مصداقاً لحديث المختار صلى الله عليه وسلم ( ما اغبرتا قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسَّه النار).
أبشروا... فكلّ غُبارٍ أزكم أنوفَكم سيكون طارداً لدخان جهنم، كما قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يجتمع غبارٌ في سبيل الله ودخانُ جهنم).
أبشروا... فإن رباطكم في سبيل الله ليومٍ واحد فقط أفضل وأعظم من حُطامِ الدنيا الفاني ومتاعِها الزائل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رِباطُ يومٍ في سبيلِ الله خيرٌ من الدنيا وما عليها).
أبشروا... فإن رباطكم في سبيل الله ليومٍ واحد فقط أفضل وأعظم من حُطامِ الدنيا الفاني ومتاعِها الزائل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رِباطُ يومٍ في سبيلِ الله خيرٌ من الدنيا وما عليها).
حفظ الله بلادنا... ونصر جنودنا...
وتقبل شهداءنا... وعافى جرحانا.
بقلم الدكتور/
فهد بن
منصور الودعاني الدوسري
fhad555z@hotmail.com