الجمعة، 28 يوليو 2017




 رسالة ...       وطن... وجنود

جنودَنا المجاهدين المرابطين على حدود بلادنا رفع الله قدركم، وأعلى منازلكم، إنكم تحمون عقيدتنا، وتدافعون عن حدود بلادنا، فلكم دعاؤنا وشكرنا وتقديرنا، فلن نجد أشرف وأسمى من رجالٍ شجعان ضحوا بأنفسهم، وبذلوا أرواحهم لنعيش آمنين.

إنكم أبطالٌ صادقون صامدون... ترابطون بثبات، تنصرون الدين، وتذودون عن حمى الوطن، أُصيب بعضكم، واستشهد آخرون، فإذا ما حانت الصلاة على أحدكم توافدت جموعٌ غفيرةٌ؛ لشهود الجنازة حباً ووفاءً واعتزازاً وتقديراً وإجلالا.
حنَّـا بكـم نفخـر ونعتـزّ ونـزود     ونماري العالم على روس الأشهاد  
أنتم ذخيرة موطن العز والجود     وأنتـم أُسـود البيـد وأحفـاد الأجـداد

هنيئا لكم المجد أيها الفرسان... فقد تقلدتم أوسمةً رفيعةً، تحملونها على صدوركم يفخر بها آباؤكم وإخوانكم وأولادكم من بعدكم، فهذه الشهادة التي أُكرمتم بها، أو الإصابة التي أُصبتم بها إنما هي أثر عبادة محبوبة عند الله سبحانه، وهي الجهاد في سبيل الله، والتي هي ذُروة سنام الإسلام، وهي لا تحصل لكل أحد، ولا تتحقق لكل إنسان، إنما تكون من فرسانٍ أبطالٍ أمثالِكم، ميدانهم ساحات النزال، ومواطن القتال.
تستاهلون المجد والفعل مشهود    وتستاهلون المدح من كُل قصّاد

أيها المجاهدون الأبطال...سيُخلد اسمكم، وسيبقى ذكرُكم وسيفتخر بكم أحفادكم من بعدكم كما كان أحفاد الصحابة يفتخرون بمواقف آبائهم في الجهاد في سبيل الله، فقد أُصِيبَتْ عَيْنُ قَتَادَةَ بنِ النّعْمَانِ حَتّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَأَتَوا بِهِ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ وَرَدّهَا إلَى مَوْضِعِهَا، فَكَانَتْ أَحَسَنَ عَيْنَيْهِ، وَأَحَدَّهُمَا نَظَرًا، فلمَّا وَفَدَ عَلَى الخليفة عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حفيدُه عاصمُ بن عمر بن قتادة سَأَلَهُ عُمَرُ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ

أَنَا ابْنُ الّذِي سَالَتْ عَلَى الْخَدّ عَيْنُهُ     فَرُدّتْ بِكَــفّ الْمُصْطَفَى أحسن الرد
فَعَـادَتْ كَمَا كَانَـــتْ لِأَوّلِ أَمْرِهَـــا     فَيَا حُسْـنَ مَا عَيْـنٍ وَيَا حُسْـنَ مَا ردِّ
وكان الصحابي الجليل حنظلةُ بنُ أبي عامر قد شارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، فلما انتهت المعركة رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إني رأيت حنظلة بين السماء والأرض، تغسٍّله الملائكةُ بماءِ المُزنِ في صِحافِ الذهب) فكان ابنه عبدالله إذا سئِل عن اسمه، قال مفتخراً:( أنا ابن غسيل الملائكة ).

شكرا لكم أيها الشجعان...  يوم قضيتُم أوقاتاً طويلةً بعيداً عن أهلِكم وأحبابِكم تذودون عن دينكم ومقدساتِكم، وتدافعُون عن أوطانكم وأعراضكم، رافضين أن يقترب من وطنكم المحتلون، أو يدنسه الرافضةُ المشركون، ولسانُ حالِ أحدكم يردد
ولــي وطَــنٌ آليــتُ ألا أَبـيعَــهُ    وألاَّ أرى غيـري لــهُ الدَّهـــرَ مالِكـا
عهِدتُ بِهِ شَرْخَ الشَّبَابِ ونِعمةً       كنِعْمَـةِ قـــومٍ أصبَحُـوا فــي ظِلالكـا

شكرا على مكارم أخلاقكم، شكرا لإقدامكم وشجاعتكم، شكرا لوفائكم لإخوانكم في ساحات الوغى، شكرا لإيثاركم بإنقاذ زملائكم من خطر أعدائكم، ولو على حسابِ حياتِكم، لقد أبيتَم أن ينجوَ أحدُكم ويحيا لوحدِه، بل خاطرتم وغامرتم وأنتم ترددون:
فإما حياة لنا جميعا تسر الصديق ... وإمَّا مماتٌ يغِيض العدا.

أبشروا أيها المجاهدون الأبطال... بمنزلةٍ عاليةٍ عند ربكم في جنات النعيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنَّ في الجنة مائةَ درجهٍ أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ).

أبشروا... فإنَّ كلَّ تُرابٍ اغبرَّت به أقدامُكم سيكون حائلاً من عذاب النار، مصداقاً لحديث المختار صلى الله عليه وسلم  ( ما اغبرتا قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسَّه النار).

أبشروا... فكلّ غُبارٍ أزكم أنوفَكم سيكون طارداً لدخان جهنم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يجتمع غبارٌ في سبيل الله ودخانُ جهنم).

أبشروا... فإن رباطكم في سبيل الله ليومٍ واحد فقط أفضل وأعظم من حُطامِ الدنيا الفاني ومتاعِها الزائل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رِباطُ يومٍ في سبيلِ الله خيرٌ من الدنيا وما عليها).

حفظ الله بلادنا... ونصر جنودنا... وتقبل شهداءنا... وعافى جرحانا.



بقلم الدكتور/
فهد  بن  منصور الودعاني الدوسري
fhad555z@hotmail.com                                          

الثلاثاء، 18 يوليو 2017




 كلمة تقدير وإجلال في حفل تكريم
النقيب البطل خالد الغنام الهواشلة الدوسري
بعد عودته من ألمانيا للعلاج أثر إصابته في الحد الجنوبي

الحمد لله ربِّ العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
إنَّ المناسباتِ الحقيقيةَ التي تستحق أن يقامَ لها احتفال، وتُلقى فيها القصائدُ الحسان هي مناسباتُ تكريمِ أبطالنا المجاهدين - الشهداء منهم والمصابين - فهل وجدتم مناسبةً أشرفَ وأسمى من مناسبةِ تكريمِ رجلٍ مقدام، قدَّم روحَه على راحةِ يده؛ نصرةً للدين، ودفاعاً عن الوطن، ولذلك فنحن لا نعتبر احتفاليةَ أسرةِ الغنَّام بمناسبة عودة البطل خالد من رحلته العلاجية من خارج المملكة خاصة بأسرته فقط ولا بقبيلة الدواسر، بل هي مناسبة واحتفالية تخص الوطن؛ فخالد الغنام أصيب وهو يدافع عن دينه، ويذود عن حمى وطنه، فتستحق هذه المناسبة أن نؤجِل لها المواعيد، ونلغي لأجلها الأسفار لنحضر ونعتز ونماري بأحد أبطالنا، ونفاخر بأسدٍ من أسود بلادنا، وفارس من أحفاد الصحابة.
حنَّـا بكـم نفخـر ونعتـزّ ونـزود
ونماري العالم على روس الأشهاد
أنتم ذخيرة موطن العز والجود
وأنتـم أُسـود البيـد وأحفـاد الأجـداد

أيها الفارس الغنام... هنيئا لك فقد تقلدت وساما رفيعا، تحمله على صدرك ويفخر به والدُك ويعتزُ به إخوانُك وأولادُك على مرِّ الزمن، فهذه الإصابة التي أُصبتَ بها إنما هي أثرُ عبادةٍ محبوبةٍ عند الله سبحانه وهي الجهاد في سبيل الله - ذُروة سنام الإسلام - وهي لا تحصل ولا تتحقق إلا في ساحات النزال ومواطن القتال، من فرسانٍ أمثالك شجعان.

أيها البطل الهُمام... سيُخلدُ اسمك، ويبقى ذكرُك، وسيفتخر بك أبناؤك وأحفادك من بعدك، كما كان أبناءُ وأحفادُ الصحابة يفتخرون بمواقف آبائهم في الجهاد في سبيل الله تعالى، فقد أُصِيبَتْ عَيْنُ الصحابي الجليل قَتَادَة بْن النّعْمَانِ حَتّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَأَخَذَهَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَرَدّهَا إلَى مَوْضِعِهَا، فَكَانَتْ أَحَسَنَ عَيْنَيْهِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَجُلٌ مِنْ ذُرّيّتِهِ، هو عاصم بن عمر بن قتادة، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ مفتخرا بإصابة جدِّهِ:
أَنَا ابْنُ الّذِي سَالَتْ عَلَى الْخَدّ عَيْنُهُ
فَرُدّتْ بِكَــفّ الْمُصْطَفَى أحسن الرد
فَعَـادَتْ كَمَا كَانَـــتْ لِأَوّلِ أَمْرِهَـــا
فَيَا حُسْـنَ مَا عَيْـنٍ وَيَا حُسْـنَ مَا ردِّ

واستشهد الصحابي حنظلة بن أبي عامر في غزوة أحد، فرُوي أن الملائكة غسَّلته بين السماء والأرض، بماء المُزن في صحاف الذهب، فكان ابنه عبدالله إذا سئِل عن اسمه؟ قال:( أنا ابنُ غسيل الملائكة ).

شكرا لك أيها البطل الشجاع... يوم قضيتَ وقتاً طويلاً مرابطا على حدود أرضك، مفارقا  أهلك بعيداً عن أحبابِك، تذود عن دينك ومقدساتِك وتدافعُ عن وطنك وعرض ومقدساتك رافضا أن يدنسه المشركون، ولسان حالك يردد:
ولــي وطَــنٌ آليــتُ ألا أَبـيعَــهُ
وألاَّ أرى غيـري لــهُ الدَّهـــرَ مالِكـا
عهِدتُ بِهِ شَرْخَ الشَّبَابِ ونِعمةً
كنِعْمَـةِ قـــومٍ أصبَحُـوا فــي ظِلالكـا

شكرا لك خالد الغنام... شكرا لإقدامك وشجاعتك... شكرا لوفائك لرفيقك في ساحات الوغى يوم آثرت إنقاذَه على حسابِ حياتِك، لقد أبيتَ أن تنجوَ وتسلمَ وتحيا لوحدِك بل خاطرت وغامرت وأنت تردد: فإما حياة لنا جميعا تسر الصديق...وإما مماتٌ يغِيض العدا.
تستاهل المجد والفعل مشهود
وتستاهل المدح من كُل قصّاد
يفداك بين الناس نذلٍ ومقرود
زيَّن لجهّال الوطن ذبح الأجواد

 أبشر أيها المجاهد المقدام... بمنزلةٍ عاليةٍ عند ربك في جنات النعيم: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنَّ في الجنة مائةَ درجهٍ أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض  وأبشر فإنَّ كلَّ ترابٍ اغبرت به قدماك فسيكون حائلا من عذاب النار، مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل ( ما اغبرتا قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسه النار )، وكلَّ غبارٍ أزكم أنفك فسيكون مانعا من دخان جهنم بإذن الله كما قال صلى الله عليه وسلم لا يجتمع غبارٌ في سبيل الله ودخانُ جهنم  وأبشر فإن رباطك في سبيل الله ليومٍ واحد أفضلُ وأعظمُ مما يجمعه الناس من حطام الدنيا ومتاعها الزائل، كما قال صلى الله عليه وسلم ( رباطُ يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها ).

والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

يوم الاثنين  ليلة الثلاثاء، الموافق 23/10/1438هـ


د. فهد  بن  منصور الودعاني

 fhad555z@hotmail.com